تتابع مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم تنفيذ برنامجها ضمن سلسلة ” أعلام في الذاكرة ” الذي دشنته بتنظيم ندوة وطنية حول الأديب عبد المجيد بنجلون و الأستاذ عبد الكريم غلاب و اليوم نلتقي في إطار هاته الندوة الوطنية التي تنعقد بشراكة مع قطاع الثقافة و تعاون مع كلية الاداب والعلوم الانسانية بالرباط و الجمعية المغربية للبحث التاريخي .
إن إقدام مؤسسة فكر على تنظيم هاته السلسلة باب من أبواب ثقافة الاعتراف و التذكير بشخصيات وطنية اكاديمية بصمت تاريخ المغرب الحديث بمؤلفاتها و مواقفها و أخلاقها و علاقاتها بطلابها و محيطها ، انه يندرج ضمن الرغبة في ربط الحاضر بالماضي من أجل المستقبل ، و نعيد التذكير هنا بأن من لا ماضي له لا مستقبل له …
و اعترافاً بدوره في بناء الجامعة المغربية نظمت الجمعية المغرية للبحث التاريخي، وبتعاون مع كلية الآداب ندوة علمية يومي 16 و 17 يناير 1992، تقديرا لمكانته العلمية والجامعية، وبعد أكثر من ثلاثة عقود تعود مؤسسة فكر والجمعية المغربية للبحث التاريخي وكلية الآداب بالرباط إلى تنظيم ندوة علمية للتذكير بدور الأستاذ جرمان عياش في بناء الجامعة المغربية الوطنية وكتابة التاريخ الوطني المغربي و كذا بأدواره المجتمعية من خلال مواقفه السياسية و الثقافية و غيرها…
و نذكر في هذا المقام بكلمة حول جرمان عياش تحدث فيها رئيس جامعة محمد الخامس في افتتاح الندوة التكريمية” اعترافاً بالجميل لما أسداه من خدمات لبلادنا في حقل البحث العلمي”، وتحدث عن دور جرمان عياش في تأطير جيل وتخرج على يده العديد من الأساتذة والباحثين: وهم اليوم يتصدرون تدريس التاريخ في مختلف الجامعات المغربية ويهتمون بإعادة كتابة التاريخ المغربي اعتمادًا على النهج الذي كرس جرمان عياش قسطًا من حياته لترسيخه على أساس الوثائق الأصلية للوصول إلى كتابة تاريخية بعيدة عن الأحكام الجاهزة والمقاربات السطحية….”.
وإلى جانب التدريس نشر جرمان عياش مقالات وكتباً حول تاريخ المغرب لمواجهة التآليف الاستعمارية، ومن أشهر ما ألف نذكر: ” دراسات في تاريخ المغرب” و جذور حرب الريف”. وانتصر جرمان عياش لمنهج اعتماد الوثائق المحلية والوطنية لتطوير الكتابة التاريخية بالمغرب، وتجلى هذا المنهج في تآليفه مثل “مظاهر الأزمة المالية في المغرب” بعد حرب تطوان سنة 1860، أو ما كتبه حول نشأة المطبعة بالمغرب أو ظهور الشعور الوطني المغربي وكتاب ” جذور حرب الريف”، الذي أثار صدوره نقاشًا تجاوز حدود المغرب.
وظل جرمان عياش في كل كتاباته وفياً لمنهجه التاريخي المستند إلى الوثائق المحلية والمخزنية.
ولج جرمان عياش مجال تدريس التاريخ في كلية الآداب بالرباط منذ التحاقه بها سنة 1960 وانتقل من تخصصه في الآداب اليونانية واللاتينية إلى الاشتغال في مجال التاريخ، وكان من أوائل المنخرطين في التدريس في القسم المعرب في شعبة التاريخ ، وأشرف على عشرات الرسائل والأطروحات خاصة ما تعلق بالقرن التاسع عشر، وأنجزت تحت إدارته أبحاث تاريخية أصبحت إحالات في ببلوغرافيا تاريخ المغرب.
و لا بد كذلك أن نستحضر بعضاً من الكلمة البليغة للأستاذ إبراهيم بوطالب في الندوة التكريمية ذاتها ، إذ تساءل:
” كيف لا يتوقف الباحث المغربي في التاريخ ولو لبضع لحظات للتذكير بخصال هذا المواطن الذي حاول الاستعمار استلاب كيانه المغربي منه لكونه من الأقلية اليهودية فلم يفلح، وخوله الجنسية الفرنسية ولقنه أعلى درجات الجامعة الفرنسية، لكنه فشل في إبعاده عن وطنه الذي من تربته تغذى وعلى أرضه أثمر وأفاد(…) لم يكن أستاذا بليغاً ومؤرخاً موثقاً وحسب ، وإنما لكونه كان قبل هذا وذاك عميق الوعي، رجلاً بالمعنى الذي تفهم به الرجولة في وسطنا، نحن معشر المثقفين والجامعيين(…) الرجولة لدى العالم والأديب يقين بالدرجة الأولى، ولا يكون اليقين إلا مع الاستقامة، ولا تكون الاستقامة إلا مع الرصانة، ولا تكون الرصانة إلا مع وضوح الرؤيا، و لا يكون وضوح الرؤيا إلا مع رجاحة العقل. وكانت هذه الخصال كلها مجتمعة في جرمان عياش…”.
صدرت أعمال الندوة التكريمية العام 1994، في كتاب تحت عنوان: ” دراسات تاريخية مهداة للفقيد جرمان عياش” من منشورات جامعة محمد الخامس، كلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط ، سلسلة ندوات رقم 32.
تلتئم الندوة الوطنية برحاب مدرج الشريف الادريسي بكلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس باب الرواح الرباط يوم الخميس 8 يونيو 2023 إبتداءً من الساعة الثالثة بعد الزوال.
[16:02, 05/06/2023] Lourchit: بمشاركة السادة:
اوندري ازولاي و فريد الباشا و جمال الدين الهاني و محمد الدرويش و لطيفة الكندوز و عبد المجيد القدوري و عمر افا و خالد بن الصغير و معروف الدفالي و بوجمعة رويان و عبد العزيز بلفايدة و موسى كرزازي و قيادات سياسية و اجتماعية و فعاليات اكاديمية و مدنية …