مراكش – أخذا بعين الاعتبار لفلسفتها ومقاربتها المبتكرة، لا تدخر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي توجد حاليا في مرحلتها الثالثة، على المستوى الوطني كما على صعيد عمالة مراكش، جهدا من أجل إيلاء المسنين الاهتمام الذي يستحقونه، ومن ثمة تكريس هذا الملمح الإنساني وهذه الإرادة الواضحة في تعزيز وإدامة قيم التآزر والتضامن والعطف، كخصائص جوهرية للمجتمع المغربي.
كما أن الأهمية التي توليها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لهذه الفئة من المجتمع ليست وليدة الصدفة، بل تنبع من تفكير عميق وقناعة مطلقة بأن هؤلاء الأشخاص يلعبون دورا مهما في المجتمع وأن الوقت قد حان، في إطار الجهود التي تبذلها المملكة، من أجل ترسيخ عدالة اجتماعية حقيقية، مع العمل على تحسين ظروفهم المعيشية، وبالتالي توفير إطار عيش صحي وكريم، ينسجم مع التضحيات التي قدمتها هذه الفئة المجتمعية على مر السنين.
ويتجلى هذا الاهتمام الخاص بالمسنين على صعيد عمالة مراكش من خلال عدد من المشاريع المندمجة والعصرية، التي رأت النور في إطار المبادرة. ويتمثل الغرض من ذلك في تقديم مجموعة من الخدمات عالية الجودة لفائدة هذه الفئة من المجتمع، وهي التي تحظى بالرعاية الملكية السامية.
ولعل أبلغ مثال على ذلك هو فضاء دار المسنين بالمحاميد الذي تم تطويره داخل “قطب المواطن”، والذي يعد، بلا شك، منصة حقيقية مخصصة لكبار السن، ومكانا للقاء وللم الشمل، بغرض الاستفادة من سلسلة من الخدمات عالية الجودة، الغنية والمتنوعة.
ومن بين هذه الخدمات، هناك الخدمات شبه الطبية والمواكبة والدعم والتوعية والأنشطة الرياضية والأنشطة الترفيهية، إضافة إلى ورشات العمل الموضوعاتية، التي تهدف إلى الاستفادة من التجارب المتعددة لهذه الفئة الاجتماعية.
وتمت بلورة هذا المشروع الرائد، الذي يندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال برنامج “دعم الأشخاص في وضعية هشاشة”، لتقديم الخدمات الاجتماعية للمستفيدين، بما يتماشى مع احتياجاتهم، عبر برنامج مطبوع بالتنشيط والمواكبة والتحسيس والدعم، بالإضافة إلى ضمان ظروف فضلى من حيث الاستقبال، مما سيعزز إقامة تبادلات مثمرة وروابط اتصال متينة بين الأشخاص المستهدفين.
وتمت تهيئة “فضاء دار المسنين بالمحاميد” في طابقين، ويضم العديد من المرافق على غرار فضاء استقبال، وقاعة ترفيه، ومطعم، وقاعة مخصصة للإسعافات الأولية، وقاعة للتحسيس، وأخرى لدروس محو الأمية، ومكتبة، وقاعة للرياضة، ومساحة خضراء، بالإضافة إلى مرافق إدارية أخرى.
ويستقبل هذا المركز سنويا حوالي 200 مستفيد، ويتم تدبيره بشراكة مع التعاون الوطني، وجمعية “الغد النسوية للمبادرة الوطنية”، وهو الذي تطلب تعبئة ميزانية إجمالية قدرها 2ر7 ملايين درهم، منها 8ر0 مليون درهم كمساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و4ر6 ملايين درهم مقدمة من صندوق دعم السكن لمجموعة العمران.
وفي تصريح لقناة إم 24 الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد سعيد صطيلا، المسؤول عن تسيير الفضاء، أن هذا الأخير فتح أبوابه في أكتوبر الماضي، ولقي استحسان ساكنة حي المحاميد.
وكشف أن هذا الفضاء المتماهي مع بيئته والمصمم على شكل “نادي”، يقدم للمستفيدين خدمات جديدة من بينها محاربة الأمية والتأطير الديني وتحفيظ القرآن الكريم والتشجبع على المطالعة، إضافة إلى المعلوميات والأنشطة الرياضية، باستثناء الإيواء، مضيفا أن عدد المستفيدين يبلغ حوالي 86 امرأة و 68 رجلا.
وخلص إلى أن كافة الخدمات التي يقدمها هذا الفضاء تتماشى مع التوجيهات الملكية السامية ومع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت بشكل كبير في إحداث عدد من البنيات الموجهة للمواطنين.
(و.م.ع)